فصل: مِنْ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.لَوْمَا:

لَوْمَا منزلتها فِي الْقُرْآن: بِمَنْزِلَةِ (لَوْلَا) قَالَ تَعَالَى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} وَقَالَ الْمَالِقِيُّ: لَمْ تَرِدْ إِلَّا لِلتَّحْضِيضِ.

.لَيْتَ:

لَيْتَ مَعْنَاهَا فِي الْقُرْآن: حَرْفٌ يَنْصِبُ الِاسْمَ وَيَرْفَعُ الْخَبَرَ، وَمَعْنَاهُ: التَّمَنِّي، وَقَالَ التَّنُوخِيُّ: إِنَّهَا تُفِيدُ تَأْكِيدَهُ.

.لَيْسَ:

لَيْسَ مَعْنَاهَا فِي الْقُرْآن: فِعْلٌ جَامِدٌ، وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى قَوْمٌ حَرْفِيَّتَهُ، وَمَعْنَاهُ: نَفْيُ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ فِي الْحَالِ وَنَفْيُ غَيْرِهِ بِالْقَرِينَةِ.
وَقِيلَ: هِيَ لِنَفْيِ الْحَالِ وَغَيْرِهِ، وَقَوَّاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هُودٍ: 8] فَإِنَّهُ نَفْيٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ.
قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَتَرِدُ لِلنَّفْيِ الْعَامِّ الْمُسْتَغْرَقِ الْمُرَادِ بِهِ الْجِنْسُ، كَـ: (لَا) التَّبْرِئَةِ، وَهُوَ مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ، وَخُرِّجَ عَلَيْه: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} [الْغَاشِيَة: 6].

.مَا:

مَا وَاسْتِعْمَالَاتهَا فِي الْقُرْآن: اسْمِيَّةٌ وَحَرْفِيَّةٌ:
فَالِاسْمِيَّةُ: تَرِدُ مَوْصُولَةً بِمَعْنَى الَّذِي، نَحْوَ: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَذُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النَّحْل: 96]، وَيَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَالْمُفْرَدُ وَالْمُثَنَّى وَالْجَمْعُ، وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا لَا يُعْلَمُ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعَالِمِ، نَحْوَ: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشَّمْس: 5]. {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الْكَافِرُونَ: 3] أَي: اللَّهُ.
وَيَجُوزُ فِي ضَمِيرِهَا مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَاجْتَمَعَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [النَّحْل: 73] وَهَذِهِ مُعَرَّفَةٌ، بِخِلَافِ الْبَاقِي.
وَاسْتِفْهَامِيَّةٌ: بِمَعْنَى: أَيِّ شَيْءٍ، وَيُسْأَلُ بِهَا عَنْ أَعْيَانِ مَا لَا يُعْقَلُ وَأَجْنَاسِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَجْنَاسِ الْعُقَلَاءِ وَأَنْوَاعِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ، نَحْوَ: {وَمَا هِيَ}، {مَا لَوْنُهَا} [الْبَقَرَة: 68- 69]، {مَا وَلَّاهُمْ} [الْبَقَرَة: 142]، {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ} [طه: 17]، {وَمَا الرَّحْمَنُ} [الْفُرْقَان: 60].
وَلَا يُسْأَلُ بِهَا عَنْ أَعْيَانِ أُولِي الْعِلْمِ، خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَهُ. وَأَمَّا قَوْلُ فِرْعَوْنَ: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشُّعَرَاء: 23] فَإِنَّهُ قَالَهُ جَهْلًا، وَلِهَذَا أَجَابَهُ مُوسَى بِالصِّفَاتِ.
وَيَجِبُ حَذْفُ أَلِفِهَا إِذَا جُرَّتْ وَإِبْقَاءُ الْفَتْحَةِ دَلِيلًا عَلَيْهَا، فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْصُولَةِ، نَحْوَ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النَّبَإ: 1]، {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النَّازِعَات: 43]، {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصَّفّ: 2]، {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النَّمْل: 35].
وَشُرْطِيَّةٌ: نَحْوَ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ} [الْبَقَرَة: 106]، {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [الْبَقَرَة: 197]. {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التَّوْبَة: 7] وَهَذِهِ مَنْصُوبَةٌ بِالْفِعْلِ بَعْدَهَا.
تَعَجُّبِيَّةٌ: نَحْوَ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [الْبَقَرَة: 175]. {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عَبَسَ: 17] وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي قِرَاءَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {مَا أَغَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} وَمَحَلُّهَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَمَا بَعْدَهَا خَبَرٌ، وَهِيَ نَكِرَةٌ تَامَّةٌ.
وَنَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ: نَحْوَ: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [الْبَقَرَة: 26]، {نعِمَّا يَعِظُكُمْ} [النِّسَاء: 58] أَيْ: نِعْمَ شَيْئًا يَعِظُكُمْ بِهِ.
وَغَيْرُ مَوْصُوفَةٍ نَحْوَ: {فَنِعِمَّا هِيَ} [الْبَقَرَة: 271] أَيْ: نِعْمَ شَيْئًا هِيَ.
وَالْحَرْفِيَّةُ: تَرِدُ مَصْدَرِيَّةً:
إِمَّا زَمَانِيَّةٌ: نَحْوَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التَّغَابُن: 16] أَيْ: مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِكُمْ.
أَوْ غَيْرُ زَمَانِيَّةٍ، نَحْوَ: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ} [السَّجْدَة: 14] أَيْ: بِنِسْيَانِكُمْ.
وَنَافِيَةٌ:
إِمَّا عَامِلَةٌ عَمَلَ لَيْسَ، نَحْوَ: {مَا هَذَا بَشَرًا} [يُوسُفَ: 31]، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهُمْ} [الْمُجَادَلَة: 2]، {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الْحَاقَّة: 47] وَلَا رَابِعَ لَهَا فِي الْقُرْآنِ.
أَوْ غَيْرُ عَامِلَةٍ، نَحْوَ: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: 272]. {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [الْبَقَرَة: 16].
قَالَ ابْنُ الْحَاجِب: وَهِيَ لِنَفْيِ الْحَالِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ سِيبَوَيْهِ أَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّأْكِيدِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا فِي النَّفْيِ جَوَابًا لِقَدْ فِي الْإِثْبَاتِ، فَكَمَا أَنَّ (قَدْ) فِيهَا مَعْنَى التَّأْكِيدِ، فَكَذَلِكَ مَا جُعِلَ جَوَابًا لَهَا.
وَزَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيد:
إِمَّا كَافَّةٌ، نَحْوَ: {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الْأَنْعَام: 19]. {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الْكَهْف: 110]، {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ} [يُونُسَ: 27]، {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الْحِجْر: 2].
أَوْ غَيْرُ كَافَّةٍ، نَحْوَ: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مَرْيَمَ: 26]. {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الْإِسْرَاء: 110]، {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [الْقَصَص: 28]، {فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 159]. {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} [نُوحٍ: 25]، {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} [الْبَقَرَة: 26].
قَالَ الْفَارِسِيُّ: جَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الشَّرْطِ بَعْدَ (إِمَّا) مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ لِمُشَابَهَتِهِ فِعْلَ الشَّرْطِ، بِدُخُولِ مَا لِلتَّأْكِيدِ لِفِعْلِ الْقَسَمِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ (مَا) كَاللَّامِ فِي الْقَسَمِ، لِمَا فِيهَا مِنَ التَّأْكِيدِ.
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء: زِيَادَةُ (مَا) مُؤْذِنَةٌ بِإِرَادَةِ شِدَّةِ التَّأْكِيدِ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ وَقَعَتْ (مَا) قَبْلَ (لَيْسَ) أَوْ (لَمْ) أَوْ (لَا) أَوْ بَعْدَ (إِلَّا) فَهِيَ مَوْصُولَةٌ، نَحْوَ: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [الْمَائِدَة: 116]. (مَا لَمْ يَعْلَمْ) [الْعَلَق: 5]. {مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَة: 30]. {إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [الْبَقَرَة: 32].
وَحَيْثُ وَقَعَتْ بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ فَهِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَحَيْثُ وَقَعَتْ بَعْدَ الْبَاءِ فَإِنَّهَا تَحْتَمِلُهُمَا، نَحْوَ: {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} [الْأَعْرَاف: 162].
وَحَيْثُ وَقَعَتْ بَيْنَ فِعْلَيْنِ سَابِقُهُمَا عِلْمٌ أَوْ دِرَايَةٌ أَوْ نَظَرٌ، احْتَمَلَتِ الْمَوْصُولَةَ وَالِاسْتِفْهَامِيَّةَ، نَحْوَ: {وَأَعْلَمُ مَا تَبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [الْبَقَرَة: 33]، {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الْأَحْقَاف: 9].
{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الْحَشْر: 18].
وَحَيْثُ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ (إِلَّا) فَهِيَ نَافِيَةٌ، إِلَّا فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا:
{مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا} [الْبَقَرَة: 229]. {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [الْبَقَرَة: 237]. {بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ} [النِّسَاء: 19]. {مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النِّسَاء: 22]. {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [الْمَائِدَة: 3]. {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا} [الْأَنْعَام: 80]. {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا} [الْأَنْعَام: 119]. {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} إِلَّا فِي مَوْضِعَيْ هُودٍ. {فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا} [يُوسُفَ: 47]، {مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا} [يُوسُفَ: 48]. {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [الْكَهْف: 16]. {وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الْحِجْر: 85] حَيْثُ كَانَ.

.مَاذَا:

مَاذَا تَرِدُ عَلَى أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ (مَا) اسْتِفْهَامًا وَ(ذَا) مَوْصُولَةً، وَهُوَ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ فِي: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [الْبَقَرَة: 219]، فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ، أَي: الَّذِي يُنْفِقُونَهُ الْعَفْوُ، إِذِ الْأَصْلُ أَنْ تُجَابَ الِاسْمِيَّةُ بِالِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةُ بِالْفِعْلِيَّةِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ (مَا) اسْتِفْهَامًا وَ(ذَا) إِشَارَةً.
الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ (مَاذَا) كُلُّهَا اسْتِفْهَامًا عَلَى التَّرْكِيبِ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ فِي: {مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} فِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ، أَيْ: يُنْفِقُونَ الْعَفْوَ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ (مَاذَا) كُلُّهُ اسْمَ جِنْسٍ بِمَعْنَى شَيْءٍ، أَوْ مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي.
الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ (مَا) زَائِدَةً وَ(ذَا) لِلْإِشَارَةِ.
السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ (مَا) اسْتِفْهَامًا وَ(ذَا) زَائِدَةً وَيَجُوزُ أَنْ تُخَرَّجَ عَلَيْهِ.

.مَتَى:

مَتَى: تَرِدُ اسْتِفْهَامًا عَنِ الزَّمَانِ، نَحْوَ: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: 214]؛ وَشَرْطًا.

.مَعَ:

مَعَ: اسْمٌ، بِدَلِيلِ جَرِّهَا بـ: (مِنْ) فِي قِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ: {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} [الْأَنْبِيَاء: 24] وَهِيَ بِمَعْنَى (عِنْدَ) وَأَصْلُهَا لِمَكَانِ الِاجْتِمَاعِ أَوْ وَقْتِهِ، نَحْوَ: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يُوسُفَ: 36]. {أَرْسِلْهُ مَعَنَا} [يُوسُفَ: 66 12]، {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ} [يُوسُفَ: 66].
وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ الِاجْتِمَاعِ وَالِاشْتِرَاكِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحِظَةِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، نَحْوَ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التَّوْبَة: 119]. {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [الْبَقَرَة: 43].
وَأَمَّا نَحْوَ: {إِنِّي مَعَكُمْ} [الْمَائِدَة: 12]. {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} [النَّحْل: 128]. {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الْحَدِيد: 4]. {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشُّعَرَاء: 62]. فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ وَالْحِفْظُ وَالْمَعُونَةُ مَجَازًا.
قَالَ الرَّاغِبُ: وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ لَفْظُ (مَعَ) هُوَ الْمَقْصُودُ، كَالْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ.

.مِنْ:

مِنْ حَرْفُ جَرٍّ، لَهُ مَعَانٍ:
أَشْهَرُهَا: ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ، مَكَانًا وَزَمَانًا وَغَيْرَهُمَا، نَحْوَ: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الْإِسْرَاء: 1]، {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التَّوْبَة: 108]، {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} [النَّمْل: 30].
وَالتَّبْعِيضُ: بِأَنْ يَسُدَّ (بَعْضُ) مَسَدَّهَا، نَحْوَ: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 92]. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {بَعْضَ مَا تُحِبُّونَ}.
وَالتَّبْيِينُ: وَكَثِيرًا مَا تَقَعُ بَعْدَ (مَا) وَ(مَهْمَا). نَحْوَ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} [فَاطِرٍ: 2]، {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [الْبَقَرَة: 106]، {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} [الْأَعْرَاف: 132] وَمِنْ وُقُوعِهَا بَعْدَ غَيْرِهِمَا، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الْحَجّ: 30]، {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الْكَهْف: 31].
وَالتَّعْلِيلُ: نَحْوَ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نُوحٍ: 25]، {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} [الْبَقَرَة: 19].
وَالْفَصْلُ:- بِالْمُهْمَلَةِ- وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى ثَانِي الْمُتَضَادَّيْنِ، نَحْوَ: {يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [الْبَقَرَة: 220]. {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آلِ عِمْرَانَ: 179].
وَالْبَدَلُ: نَحْوَ: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} [التَّوْبَة: 38] أَيْ: بَدَلَهَا، {لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ} [الزُّخْرُف: 60].
وَتَنْصِيصُ الْعُمُوم: نَحْوَ: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 62] قَالَ فِي الْكَشَّاف: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْفَتْحِ فِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي إِفَادَةِ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ.
وَمَعْنَى الْبَاء: نَحْوَ: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشُّورَى: 45] أَيْ: بِهِ.
وَعَلَى: نَحْو: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} [الْأَنْبِيَاء: 77] أَيْ: عَلَيْهِمْ.
وَفِي: نَحْو: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الْجُمُعَة: 9] أَيْ: فِيهِ. وَفِي الشَّامِلِ عَنِ الشَّافِعِيّ: أَنَّ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} بِمَعْنَى (فِي) بِدَلِيلِ قَوْلِه: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النِّسَاء: 92].
وَعَنْ: نَحْوَ: {قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الْأَنْبِيَاء: 97] أَيْ: عَنْهُ.
وَعِنْدَ: نَحْوَ: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 10] أَيْ: عِنْدَ.
وَالتَّأْكِيدُ: وَهِيَ الزَّائِدَةُ فِي النَّفْيِ أَوِ النَّهْيِ أَوِ الِاسْتِفْهَامِ، نَحْوَ: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} [الْأَنْعَام: 59]. {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الْمُلْك: 3].
وَأَجَازَهَا قَوْمٌ فِي الْإِيجَابِ، وَخَرَّجُوا عَلَيْه: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الْأَنْعَام: 34]، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ} [الْكَهْف: 31]. {مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النُّور: 43]. {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النُّور: 30].
فَائِدَةٌ:
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ دَعَا قَالَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ لَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَلَكِنَّهُ خَصَّ حِينَ قَالَ: {أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ} [إِبْرَاهِيمَ: 37] فَجُعِلَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَوْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، لَزَاحَمَتْكُمْ عَلَيْهِ الرُّومُ وَفَارِسُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي فَهْمِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ التَّبْعِيضُ مِنْ (مِنْ).
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَيْثُ وَقَعَتْ {يَغْفِرْ لَكُمْ} فِي خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تُذْكَرْ مَعَهَا (مِنْ) كَقَوْلِهِ فِي الْأَحْزَابِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الْأَحْزَاب: 70- 71]. وَفِي الصَّفّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} إِلَى قَوْلِه: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصَّفّ: 10- 12].
وَقَالَ فِي خِطَابِ الْكُفَّارِ فِي سُورَةِ نُوحٍ [4]: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نُوحٍ: 4] وَكَذَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ [10] وَفِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ [31]، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخِطَابَيْنِ لِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْوَعْدِ، ذَكَرَهُ فِي الْكَشَّافِ.

.مَنْ:

مَنْ: لَا تَقَعُ إِلَّا اسْمًا، فَتَرِدُ مَوْصُولَةً: نَحْوَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 19].
وَشَرْطِيَّةً: نَحْوَ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النِّسَاء: 123].
وَاسْتِفْهَامِيَّةً: نَحْوَ: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52].
وَنَكِرَةً مَوْصُوفَةً {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ} [الْبَقَرَة: 8]، أَيْ: فَرِيقٌ يَقُولُ.
وَهِيَ كَـ: (مَا) فِي اسْتِوَائِهَا فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُفْرَدِ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْقُرْآنِ (مَنْ) فِي الْعَالَمِ عَكْسَ (مَا) وَنُكْتَتُهُ: أَنَّ (مَا) أَكْثَرُ وُقُوعًا فِي الْكَلَامِ مِنْهَا، وَمَا لَا يَعْقِلُ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْقِلُ، فَأَعْطُوا مَا كَثُرَتْ مَوَاضِعُهُ لِلْكَثِيرِ، وَمَا قَلَّتْ لِلْقَلِيلِ، لِلْمُشَاكَلَةِ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيّ: وَاخْتِصَاصُ (مَنْ) بِالْعَالَمِ وَ(مَا) بِغَيْرِهِ فِي الْمَوْصُولَتَيْنِ دُونَ الشَّرْطِيَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَسْتَدْعِي الْفِعْلَ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ.